١٢/١٣/٢٠٠٥

العرى كليب

العرى و الخواء
من الرسائل الواردة الى هذه الرسالة حول اغانى الكليبات البذيئة اقرأ معى
فى مقابل كل عشر قنوات غنائية يتم بثها فى الوطن العربى تظهر قناة واحدة اخبارية او ثقافية او علمية " .. هذه الحقيقة الإحصائية المفزعة تحمل عشرات المعانى الخطيرة التي قد تصيب البعض بالدهشة ، وخصوصاً إذا علمنا ان أغلب الدول العربية تعطى تسهيلات بلا حدود لكل من يرغب فى استثمار امواله فى قنوات غنائية ، بينما تضع عشرات القوانين والشروط والعراقيل أمام كل من تسول له نفسه مجرد التفكير في انشاء قناة اخبارية ، وكأنها أدمنت " وضع العربة أمام الحصان " أو رفع شعار" ممنوع الإعلام الجاد "!!

محيط : مصطفى فتحى

نتشار قنوات الاغانى العربية بهذا الشكل المخيف يدفع المرء لتأمل تلك الظاهرة التي باتت أشبه بغزو الجراد الكاسح ، ويجعل المرء يتساءل في دهشة : هل اصبحت روبى واخواتها : مروى وماريا ونجلا ( الشهيرة بمطربة الحصان ) تمثل الشغل الشاغل لشباب مجتمعنا العربى ؟ ولماذا اصبحنا نتقبل ما تعرضه تلك القنوات من إسفاف وابتذال وعري وكأنه اضحى امراً عادياً ؟ وهل ندرك فعلاً ان تلك القنوات تهدف لتخريب العقول العربية ونشر قيم العولمة والكوكبة سعيا لتدمير مجتمعاتنا العربية بكل قيمها الإسلامية ومثلها وأعرافها ؟. هذه الأسئلة وغيرها هي ما يحاول هذا التحقيق أن يجيب عليها بدون أية رتوش . في البداية يرى الدكتور عاطف العبد ـ الأستاذ بكلية إعلام القاهرة ـ أن " أغاني الفيديو كليب أخطر من تجارة المخدرات والأفيون ، ولذلك اطالب الحكومات العربية بضروة إيجاد صيغة ما تضمن تنقيح المواد التي يتم بثها على تلك القنوات التى تهدف لتدمير عقول الشباب ، كما ينبغي ان يكون هناك دور للمطربين المحترمين يعلنون من خلاله رفضهم لما تذيعه تلك القنوات من كليبات خارجة ". ويؤكد أن هناك "من يخططون لأغاني الفيديو كليب ويقفون وراءها لنشر العولمة والعلمانية داخل المجتمعات العربية، تمهيدًا لغزوها عسكريًا بتكلفة زهيدة، حيث يحتاج إنشاء قناة غنائية إلى مابين 2-3 مليون دولار في حين يتكلف إنشاء قناة إخبارية أو ثقافية 300 مليون دولار، وأرى أن هذه القنوات تمكنت من تحقيق هدفها " ، مضيفا أن " الحكومات العربية تتفنن في وضع العراقيل والعقبات أمام أي قنوات إخبارية جادة ، في الوقت الذي تترك فيه الحبل على الغارب لمثل هذه القنوات الغنائية التى لا تسمن ولا تغني من جوع ، فضلا عن أنها لا تمثل أية إضافة لفكر وثقافة المواطنين " .

ويتفق الدكتور أشرف جلال ـ المدرس بنفس الكلية ـ مع الرأي السابق ، متناولا بلهجة شديدة السخرية التصريحات الصحفية الأخيرة لمطربات "العرى كليب" وكيف تعكس اعتماد هؤلاء المطربات على الجنس كوسيلة للانتشار ، مثل تصريح روبي بأن " الجنس واقع .. فلماذا نخجل منه" ، بينما تؤكد نانسي عجرم ان" الإغراء والإثارة فن، فلماذا كل هذه الضجة؟" .. وعلى نفس المنوال تمضي إليسا قائلة : " ثقافة الجنس موجودة وانظروا للدراما التليفزيونية والسينمائية " ، في الوقت الذي يغيب فيه الحياء تماما من تصريحات نجلا "مطربة الحصان " وهي تقول " أفخر بأن أغنيتي ليست فقط قادرة على إثارة الرجل ، بل قادرة أيضا على إثارة الحصان ".
ويكمل د. أشرف توصيفه الساخر لظاهرة العري في الفيديو كليب بقوله " هذه الكليبات تمثل حقًا أجمل قبر لأتعس أمة" ، مضيفا أنه أجرى دراسة على 364 أغنية أذاعتها قنوات مزيكا، وروتانا، وأبو ظبي، ودريم 1، وميلودى والايه ار تى على مدار شهرين ، فاكتشف أن نسبة اللقطات المثيرة فيها بلغت 77% على مستوى الرقصات التي تضمنتها تلك الأغنيات ، بينما بلغت نسبة الإثارة الخاصة بالحركة 51% ، وإثارة الملابس 22% ، مقابل 10% لإيماءات الوجه ، و5% للإثارة التي تخلفها فكرة الأغنية ..
مطربة الإغراء
"روبـــــــــي"
مسابقات جنسية
الغريب ان الصحافة ومواقع الانترنت تساهم بدورها في الترويج لهذا الإسفاف الذي تبثه تلك القنوات ، لدرجة أن بعض الصحف والمواقع لم تخجل من نشر المسابقة التي نظمتها قناة مزيكا لاختيار افضل فيديو كليب جنسي يذاع على تلك القنوات تحت عنوان " ما هو أفضل فيديو كليب وحش " ، والمقصود بكلمة " وحش " هنا طبعا الفيديو الذي يتناول أكبر كم من المشاهد الإباحية والجنسية التي تدغدغ مشاعر المراهقين وتثير رغباتهم الجنسية ، وأسفرت نتيجة المسابقة عن فوز كليب المطربة التونسية نجلا "هاطلب إيده" بالمركز الأول ، وهي نفس الأغنية التي سبق وأن أشرنا إلى أن صاحبتها تفخر بأنها لا تثير فقط الرجال وإنما تثير أيضا الحصان .

أما المطربة تينا فقد انتزعت المركز الثاني بجدارة من خلال أغنيتها "عاوز تعرف" ، والتي نجحت خلالها في صرف انتباه المشاهد بعيداً عن كلمات الأغنية ولحنها بواسطة حركات جسمها المثيرة ، ناهيك بالطبع عن ملابسها شبه العارية .. وهو نفس السيناريو الذي كررته لوسي في أغنيتها "يا مغير حالي" ، والتي ألمح البعض إلى " أنها تشير الى بيزنس حقن السليكون والبوتوكس الذي انتعش في مصر وغيّر حال كثيرات".أما الراقصة بوسي سمير فقد اختار لها الجمهور أغنيتين، الأولى بعنوان"حط النقط فوق الحروف" والتي تخطط فيها لاغواء مخدومها ، بينما في الاغنية الثانية "بحبه هوه" تنام وتحلم غالباً بما سيحدث ، وهي أغنية يتم خلالها إغلاق الأبواب عليها مع مخدومها في غرفة فوق السطوح ، ثم يتجردان من ملابسهما بعدها أمام البانيو .
اغتيال القيم
اتصلنا بالموسيقار الكبير عمار الشريعى لنعرف وجهة نظره فى الانتشار المتزايد للقنوات الفضائية الغنائية فقال" ما يحدث فى تلك القنوات هو مهزلة كبيرة لا تجد من يوقفها ، فهل اصبحنا نسمع بعيوننا؟!! ان تلك القنوات ما هى الا سلم يتسلقه معدومو الموهبة استنادا إلى ان من " يخلع " اكثر ينجح اكثر ، ولذلك زاد التنافس بين مطربات العرى كليب " . ويضيف : " اعتقد ان الهدف الوحيد لتلك القنوات هو افساد القيم والعادات والتقاليد العربية واغتيالها ودفنها فى نفس المكان ، وهذا امر طبيعى لانه لا يوجد اى نوع من انواع الرقابة على تلك القنوات ، لدرجة اننى احياناً اتصور ان شرطهم الوحيد لعرض اى اغنية هو ان تكون مساحة العرى بها كبيرة والا لن يتم عرضها على الاطلاق ، وهو ما يجعلنى احمد الله سبحانه وتعالى على انه جعلنىغير قادر على مشاهدة تلك المهازل "..
الفيـديــــو كلـــــــــيب
هجمة منظمة لإفساد
عقـــــــول شبابنــــــا
اما الخبير الاجتماعى احمد المجدوب ـ المستشار السابق بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ـ فيرى أن " الزوجة العربية بشكل عام أصبحت تعيش مهددة داخل منزلها بسبب هجوم فتيات اغانى الفيديو كليب والمطربات اللائي يستهدفن النيل منها والاستيلاء علي إعجاب زوجها واهتمامه ، وهو ما أكده حدوث العديد من حالات الطلاق بين الزوجين بسبب الغيرة الشديدة التي حولت حياة الزوجين إلي خلافات ومشاجرات ونار متأججة استحالت معها العشرة ، فضلا عن التسابق المحموم من قبل بعض الزوجات لإجراء عمليات التجميل ليحصلن علي المواصفات الفضائية المطلوبة حتى يستطعن الاحتفاظ بأزواجهن وحمايتهم من الغزو الفضائي ".
ويستطرد قائلا : " لقد أصبحنا أمام واقع مجتمعي جديد بحيث لم يعد الزوج مقتنعا بجمال زوجته.. والزوجة تاهت في غمار الأمور الحياتية التي أنهكتها وأثرت بالسلب علي اهتمامها بزوجها ، الذي دائما ما يقارن بين زوجته القابعة في المنزل وبين فاتنات الفضائيات اللاتي لا يتورعن عن فعل كل الأشياء التي من شأنها التأثير علي الرجل وإلهاب حماسته واستدعاء رجولته الكامنة".

ويكمل د. المجدوب قائلاً " لقد أحدثت هيفاء وهبي وأخواتها ثورة وانقلابا داخل البيوت العربية من خلال ما يقدمنه من أغاني ، وأصبحت الفضائيات العربية مسرحا لعرض كل ما هو ممنوع وكل ما من شأنه إحداث الفتنة بين الأزواج ، وهو أمر جد خطير ويحتاج منا إلي وقفة حاسمة للحفاظ علي ما تبقي من وقار وحشمة للمرأة والزوجة العربية ، وبخاصة أن حالة البطالة ويأس الشباب من حكوماتهم في إعطائهم حق التعبير عن رأيهم بحرية يمثل اهم اسباب اقبال الشباب على مشاهدة تلك القنوات .

حزب " أصالة " لمكافحة العرى

إذا كان كل ما سبق يجسد رأي المتخصصين والباحثين .. فياترى كيف يرى أهل الفن والطرب ـ دروبها وشعابها ؟ أو بعبارة أخرى كيف يفسرون ظاهرة العرى كليب؟ المطرب حمادة هلال أكد لنا انه يرفض تماما ما يحدث على القنوات الفضائية التى تذيع كل ما يتاح لها من اغانى مصورة دون وجود اى فلتر او رقيب ، وهو ما ينعكس على افساد الذوق العام .. ولكننا يجب أن ندرك أن هناك العديد من النجوم المصريين والعرب الذين يرفضون ذلك تماما ، مثل انغام وغادة رجب وايهاب توفيق واصالة ومحمد عبده ـ وغيرهم كثيرون ـ إلا أننى اقترح ان نأخذ جميعاً موقفا ايجابيا مثل موقف اصالة من خلال جمعيتها "العفة" التى تحارب تلك الكليبات ..
الشباب الهدف
الأول لمحـو
الهوية العربية
اما مخرجة الفيديو كليب الشابة فدوى مواهب التى حصلت على لقب افضل مخرجة فيديو كليب فى 2004 عن اغنية " دا ماله ده " لشيماء سعيد فقالت : " ارفض تماما اخراج اى اغنية لمطرب او مطربة مجهولة الهوية ، وانا فى الاساس اعترض على ان يحوى اى كليب مشاهد تظهر فيها المرأة عارية فى محاولة رخيصة للحصول على النجاح ، ولكن المشكلة الحقيقية هى المنتج الذى اصبح يريد اى وسيلة يحقق من خلالها المكسب المادى ، ولذلك ارى اننا نحتاج فى تلك المرحلة لمجموعة مختلفة من المنتجين يحترمون العادات والتقاليد والذوق العربى ، كما نحتاج فى نفس الوقت إلى عمل اغانى جيدة تحقق النجاح ".

ويعزو حمادة حسين الناقد الفنى بمجلة روز اليوسف السبب الاول فى اقبال الشباب على تلك القنوات إلى التليفزيونات الحكومية التابعة للدول العربية ، إذ اصبحت برامجها مكررة ولا تحتوى على اى جديد ، ولذلك يهرب الشباب منها الى قنوات الاغانى التى اصبحت تلهيهم عن اشياء كثيرة ، وهو ما سيتحول بمرور الايام الى إدمان من شأنه تحويل المجتمع الى مجتمع مستهلك ، بمعنى أنه سيكتفي مع الوقت بمشاهدة تلك القنوات فقط دون أن يكون بإمكانه أن يفعل اى شىء أو ينتج اى شىء اخر .. ومن هنا ينبغي أن يجتمع كل المثقفين وصناع الفيديو كليب الرافضين للعرى لإنشاء تكتل قوي يكون اهم اهدافه القضاء على الاغانى التى تهدف لتخريب العقول وتدمير الذوق العام..